نبذة عن اساسيات الإيمان المسيحى

English Version

ترجمة: سمعان بن يونا

اصبح عالم اليوم يميزه الغموض. مما يوقظ فى اذهاننا افكار و ذكريات شتى. تختلف من واحد لآخر. فلبعض منا تأتى للذهن باحداث تاريخية معينة كالحروب الصليبية مثلاً. و البعض الآخر ربما يفكر فى الكنيسة و عبادة الله او الذهاب الى السماء. و البقية تذكرهم بفضائح المبشرون المنتشرة على شاشات التلفاز. فإلمامنا بالمسيحية كديانة متوقف فقط على خبرتنا و معرفتنا الشخصية. لكثير من الناس، هذه الخبرة تُكتسب من خلال وسائل الإعلام المختلفة (التلفاز و الصحف)، حضور الصلوات الكنسية، التحدث مع الأصدقاء او الاقارب، او مراقبة بعض الاشخاص المسيحيين بالإسم فقط. لكن كثير من الناس ايضاً لا يفقهون شيئاً عن المسيحية من خلال الكتاب المقدس. ففهم الكتاب المقدس يعطينا النظرة الكاملة السليمة عن المسيحية. إذاً نويت بإذن الله ان اقدم لكم و نناقش سوياً مواضيع شتى تكاد تكون غير معلومة لدينا إلا من خلال قراءة الكتاب المقدس.


أريد فقط ان ابرز شيئاً و هو عندما ان نقدم الإيمان المسيحى من خلال الكتاب المقدس لشخص ما، لا يهم ان كان هذا الشخص يؤمن بصحة الكتاب المقدس ام لا. فى الحقيقة، على الأقل عندما نفهم ماذا تقول هذه الديانة، علينا ان نتفهم قبلئذ ان تابعى هذا الدين يؤمنون بصحة كتبهم المقدسة. لذا، فالمواضيع المطروحة هى لإعلامكم ما هى المسيحية و ليس لإقناعكم بها. بمعنى اننا سنتباحث فى المطروح بدون محاولة إقناعكم بصحة الكتاب المقدس اولاً.

الرسالة الرئيسية للكتاب المقدس

الكثير من الناس يتخيلون الله و كأنه متكئاً على عرش بعيد، معزول، غيرمبالى، زاهد عن إحتياجات عبيده، الى ان يطلبوه ليتصرف بالنيابة عنهم فى مشكلة ما. (من كتاب "المسيحية" لچون سكوت، صفحة 11)
هذا بالتأكيد ليس الله كما يصوره لنا الكتاب المقدس. فى هذا الباب سنناقش سوياً الرسالة الرئيسية الكتاب المقدسة و واضح ان الله جزء لا يتجزأ من هذه الرسالة. و الإنسان هو ثانى اهم عنصر يذكره الكتاب المقدس بإستمرار. (لاحظ ان المقصود هنا الإنسان بنوعيه: الذكر و الأنثى). لكن الكتاب المقدس ليس فقط عن الله و الإنسان، بل بالأحرى عن علاقة الله بالإنسان. هذه العلاقة مقدمة بطريقة فى غاية السلاسة من خلال الكتاب المقدس.

فى البدء...

بادئ ذى بدء، يتكلم الكتاب المقدس عن إله كامل يخلق كل شئ. خلق الإنسان على صورته و مثاله (تكوين 1: 27). كان الإنسان على مثال الله اى خلق بلا عيب. لذا، الله و الإنسان نعما بعلاقة كاملة.

الكل ابتعد

و لأن الإنسان على مثال الله، إذا فله إرادة، اى له حرية الإختيار. و الإنسان - بإرادته الحرة - إختار طريقاً غير طريق الله و عانده. يقول الكتاب المقدس ان كل إنسان فعل هكذا. "كلنا كغنم ضللنا ملنا كل واحد إلى طريقه و الرب وضع عليه إثم جميعنا." (إشعياء 53: 6). و هذا مثل طفل هرب من بيته، كمثل الإبن الضال (لوقا 15: 11-32). تخيل معى طفل فى الثالثة من عمره يقول لوالديه إنه قرر ترك البيت و إختار طريقاً خاص به فى الحياة. و بالرغم من معرفته انه لن يستطيع المعيشة بدون ابويه، لكنه ايضاً قرر تركهم. و بالمثل يقول لنا الكتاب المقدس ان الإنسان لا يقدر إنجاز اى شئ بدون الله، و لكنه و مع ذلك إختار طريقاً غير طريق الله و ابتعد عنه.

الخطية

المصطلح الذى يستخدمه الكتاب المقدس لوصف بعد الانسان عن الله هو "الخطية". هذا هو ما يفصل الإنسان عن الله. "بل آثامكم صارت فاصلة بينكم و بين إلهكم و خطاياكم سترت وجهه عنكم حتى لا يسمع." (إشعياء 59: 2). و يقول ايضاً فى رومية 6: 23، "لأن اجرة الخطية هى موت". فالإنسان منفصل روحياً عن الله و جزاء خطيته هو الموت. كمثل إنفصال الأغصان عن الكرمة (يوحنا 15: 5)، و لوهلة يظهر الإنسان حياً، لكنه فى الحقيقة ميتاً لإنفصاله عن مصدر روحه - الله.

ماذا يفعل الإنسان ليرجع إلى الله؟

لأن الإنسان حطم علاقته التامة مع الله، صار ميتاً روحياً و انفصل عن الله. فكيف ينقذ الإنسان نفسه من موقفه العويص؟ فالكثير ممن يشعرون انهم منفصلين عن الله، يحاولون إستعادة هذه العلاقة عن طريق فعل اشياء مثل: المشاركة فى انشطة دينية، يحيون حياة جيدة، المساعدة فى اعمال خيرية، او المعيشة بمعايير أخلاقية معينة. و لكن الكتاب المقدس يقول انه من المستحيل ان ينقذ الإنسان نفسه بنفسه (متى 19: 25-26). فلا يوجد اى عمل صالح يستطيع الإنسان عن طريقه ان يستعيد علاقته مع الله. (إفسس 2: 8-9) (تيطس 3: (5فالإنسان منفصل عن الله الى الابد.

ماذا فعل الله، إذاً؟

الله يريد إستعادة هذه العلاقة الطيبة مع الإنسان، فكما قيل فى رسالة تيموثاوس الأولى 2: 4، الله "يريد ان جميع الناس يخلصون". و فى حزقيال 33: 11  ان الله "لا يسر بموت الشرير بل بأن يرجع الشرير عن طريقه و يحيا." فماذا فعل الله إذاً؟

لننعم بعلاقتنا الكاملة مع الله، علينا اولاً ان نكون كاملين لان الله كامل (متى 5: 48). لكن الإنسان تدنس بضعفه عندما اتخذ قراره بالإبتعاد عن الله. فاراد الله اولاً ان ينقى الإنسان من خطيته قبل إستعادة علاقته به.


فيقول الكتاب المقدس ان الله صار جسداً (يوحنا 1: 14) و شابه حياة الإنسان تماماً ما خلا الخطية وحدها. (عبرانيين 4: 15)، و كان اسمه يسوع. و بالرغم من ان يسوع هو الإنسان الوحيد الذى لم يخطئ، لكنه تطوع ليهب الإنسان الحياة. "لهذا يحبنى الآب لأنى اضع نفسى لآخذها ايضاً. ليس احد يأخذها منى بل اضعها انا من ذاتى. لى سلطان ان اضعها و لى سلطان ان آخذها ايضاً" (يوحنا 10: 17-18).

و قبل يسوع ان يصلب و حمل كل خطية العالم حتى يتمكن الإنسان من استعادة علاقته بالله.
"
لأنه جعل الذى لم يعرف خطية خطية لأجلنا لنصير نحن بر الله فيه" (2 كورنثوس 5: 21).
"
فإن المسيح أيضاً تألم مرة واحدة من أجل الخطايا، البار من اجل الاثمة ليقربنا الى الله..." (1 بطرس 3: (18
و بهذا مهد الله الطريق للإنسان ليستعيد علاقته مع الله، و دفع يسوع المسيح اجرة خطية البشر.

تقبل عطية الله

فهل يقول لنا الكتاب المقدس ان كل إنسان إستعاد علاقته بالله بسبب صليب يسوع المسيح؟ كلا. ففى رسالة رومية 6:" 23و أما هبة الله فهى حيوة ابدية بالمسيح يسوع ربنا". فكأن شخصاً يقف على منحنى الطريق، و يقدم عرضاً بمبلغ من المال، فإن اردت ان تكون غنياً، عليك أخذ هذا المبلغ. هذا بالمثل ما عليك ان تفعله لتقبل عطية الله. و بنفس الطريقة، الكتاب المقدس يكلمنا عن إستقبال عطية الله و هى الحياة الابدية (الأبدية مع الله). فالآيات التالية توضح لنا كيف نفعل هذا:

"
و أما كل الذين قبلوه فأعطاهم سلطاناً أن يصيروا أولاد الله اى المؤمنون باسمه. الذين ولدوا ليس من دم ولا من مشيئة جسد و لا من مشيئة رجل بل من الله." (يوحنا 1: 12-13)

"
لأنك إن اعترفت بفمك بالرب يسوع و آمنت بقلبك ان الله اقامه من الأموات خلصت. لأن القلب يؤمن به للبر و الفم يعترف به للخلاص." (رومية 10: 9-10)

فكما هو موضح، الإيمان بيسوع المسيح اساسى لتقبل عطية الله، و لكن الإيمان هنا لا يعنى الإيمان الصورى او الخارجى، بل كما يقول الكتاب "آمنت بقلبك"، اى ايماننا يجب ان يكون عميقاً، إيماناً بمقدوره ان يغير مجرى حياتنا. هو الإيمان ان يسوع المسيح سيفعل ما قال انه سيفعله، فيسوع يقول:


"
هئنذا واقف على الباب و أقرع. إن سمع أحد صوتى و فتح الباب أدخل إليه و أتعشى معه و هو معى." (رؤيا يوحنا اللاهوتى 3: 20)

فلذا، على الإنسان
فقط ان يدعو المسيح لحياته، و سيأتى له و يقود حياته.

كيف تصير مسيحياً؟


الأسس المسيحية

الرد على الإسلام